Nombre total de pages vues

mardi 15 mars 2011

الحزب الشيوعي التونسي وتشريعاته

الحزب الشيوعي التونسي وتشريعاته

حركة نسائية تقدّميّة

في هذا الإطار ظهرت في النصف الثاني من السبعينات حركة ديمقراطية تقدمية في صلب النساء المثقفات اليساريات عبرت عن عدم رضاها عمّا هو موجود. وشكل نادي الطاهر الحداد للمرأة نواتها الأساسية وقد وضعت هذه الحركة التي كانت على اطلاع على مجريات الحركات النسويّة في العالم،التي عرفت في هذه الفترة مدا هاما، وضعت الإصبع، وهنا تكمن مزيّتها التاريخية، على ثغرتين أساسيتين في أوضاع النساء التونسيات، الأولى تشريعية وتتمثل في غياب المساواة بين الجنسين في التشريع التونسي رغم المكاسب المحققة (الطابع الأبوي لمجلّة الأحوال الشخصيّة الخ..) والثانية واقعيّة وتتمثل في الهوّة التي لا تزال قائمة بين الخطاب والواقع، بين النص والممارسة. وعلى هذا الأساس حددت تلك الحركة أرضيتها المطلبية في محورين اثنين: الأول: إلغاء كافة مظاهر التمييز بين الجنسين في التشريع التونسي والثاني: ردم الهوّة بين الخطاب/القانون والواقع لتحقيق مساواة فعلية بين الجنسين، وربطت هذه الحركة تحقيق هذا الهدف بتغييرات جذرية اجتماعية وسياسية وثقافية في المجتمع واعتبرت نفسها جزءًا لا يتجزّأ من الحركة الديمقراطية والتقدمية.

أعطى ظهور هذه الحركة دفعا للنضال النسوي في البلاد، فانتشرت النوادي النسائية في مختلف الجهات. كما أُحدِثت لجان نسائية في العديد من القطاعات (الاتحاد العام التونسي للشغل ـ المحامون ـ الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ الحركة الطلابية...) لتحمل راية الدفاع عن حقوق المرأة الاجتماعية والسياسية والثقافية وتناضل ضد الميز القائم في النص والممارسة.

ارتداد

ولكن حصل ارتداد في الثمانينات. وينبغي الإقرار أن هذا الارتداد ارتبط بتنامي تأثير الحركة الإسلامية في تونس. فقد تحول النقاش من مطالبة بتطوير مكتسبات المرأة في اتجاه مساواة تامة وفعلية إلى نقاش حول مشروعية المكتسبات المحققة: هل هي مطابقة للشريعة الإسلامية أم منافية لها؟ وتعالت أصوات من داخل الحركة الإسلامية منددة بإلغاء تعدد الزوجات ومنح المرأة حق الطلاق وخروجها إلى المدرسة والشغل والاختلاط مع الذكور والسفور ومحملة النساء مسؤولية تدهور الأخلاق في المجتمع وبطالة الرجال. وطالب البعض من رموز الحركة بتنظيم استفتاء حول مجلّة الأحوال الشخصية.

عمّقت هذه المواقف الهوّة بين أطراف الحركة الديمقراطية اليسارية والنسوية منها خاصة من جهة والحركة الإسلامية من جهة ثانية. وأصبح الموقف من حقوق المرأة وتحررها يختزل في بعض الأحيان الخلافات القائمة بين الطرفين. فإذا كانت الحركة الإسلامية تعتبر أن حرية المرأة هي البوابة التي دخلت منها "العَلْمَانية الغربية" لضرب "القيم الإسلامية" وهو ما يفترض في نظرها التصدي لتلك الحرية التي تختزلها في بعض مظاهر الانحلال في المجتمعات الرأسمالية البرجوازية (اللباس الخليع، الخ.) وتسكت عن جوهرها الحقيقي المتمثل في المساواة في الحقوق المكرسة للمساواة في الإنسانية، فان القوى الديمقراطية اعتبرت أن موقف الحركة الإسلامية من حرية المرأة وحقوقها هو المقياس الذي يتحدد به مدى تقدم هذه الحركة في تبني مبادئ الحرية والمساواة والديمقراطية بشكل عام.

هذا الوضع خلق متنفسا لنظام الحكم خصوصا بعد 7 نوفمبر 1987. فبعد أن كان هذا الأخير متهما بعرقلة مسيرة النساء نحو تحقيق مساواة تامة وفعلية ومطالب بالاستجابة إلى جملة من المطالب ذات البعد القانوني والعملي، أصبح يتقدم على أنه "حامي حمى حقوق المرأة" ويوظف هذه المسألة في الداخل والخارج للظهور بمظهر "النظام العصري التحديثي" وتغطية طبيعته الاستبدادية وانتهاكه المنهجي للحريات وحقوق الإنسان وضربه للمبادئ والقيم الديمقراطية وتهديده مكتسبات المرأة ذاتها.

وكان لهذا الصراع انعكاساته على مسيرة الحركة النسائية التي أصبح اهتمام جزء منها منصبا على " الحفاظ على المكاسب"، مرجئا بذلك النضال من أجل تطويرها ولسان حاله يقول "شِدْ مشُومِكْ لا يجيكْ ما أَشْوَمْ منُو". وقد بدا وكأنه يوجد نوع من "التوافق" بين السلطة وبين الحركة النسائية أو على الأقل أطراف منها، إلى أن ارتفعت في عام 1994 أصوات نسائية تنادي بـ"عدم توظيف قضية المرأة لتبرير القمع السياسي" (عريضة الـ118) فنزعت بذلك من يد السلطة ورقة كانت تستخدمها لتبرير قمع الإسلاميين والمعارضة عامة وكسب مساندة الحكومات الغربية المتخوّفة من مد الإسلامي السياسي.

توجّه جديد؟

ونتيجة للحراك السياسي والفكري والاجتماعي في داخل البلاد والتطورات الدولية، حصل تغيير في خطاب بعض الفصائل الإسلامية التي أصبحت تدفع عن نفسها "تهمة" السعي إلى مراجعة مكتسبات النساء التونسيات وتعبّر عن تمسكها بها وترى فيها "جزءا من مكاسب الحداثة التونسية" التي لا تتناقض مع مقومات "الهوية العربية الإسلامية".

وعلى صعيد آخر انطلقت أعمال مشتركة، في إطار"هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" بين معظم تيارات المعارضة بما فيها التيار الإسلامي (حركة النهضة) على أساس أرضية دنيا تهم الحريات الأساسية لمواجهة استبداد نظام الحكم. وقد تم الاتفاق داخل هذه الهيئة على إطلاق حوار عام ومفتوح حول جملة من القضايا الخلافية قصد التوصل إلى وضع عهد ديمقراطي يلتزم الجميع باحترامه. ومن بين هذه القضايا، المسألة التي نتناولها اليوم وهي مسألة حقوق النساء والمساواة بين الجنسين التي تمثل كما قلنا ركنا من أركان النظام الديمقراطي وشرطا من شروطه.

II. أوضاع النساء في تونس: ما هي أوضاع النساء اليوم في تونس؟
خلافا لما تروجه الدعاية الرسمية، فإن أوضاع النساء التونسيات وخاصة منهن المنتميات إلى الطبقات والفئات الشعبية وهن الأغلبية، سيئة على كافة المستويات بحكم الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الرأسمالية المتوحشة لنظام الحكم وبحكم الاستبداد السياسي وانتشار القيم الفردانية وثقافة الاستهلاك التي شيّأت المرأة وحولتها إلى بضاعة جنسية، وهي كلها أسباب تهدد ما تحقق للمرأة من مكاسب نتيجة النضالات التي خاضها مثقفون تقدميون من أمثال الطاهر الحداد وحركات ديمقراطية نسائية وغيرها على مدى أكثر من نصف قرن.

مساواة قانونية منقوصة

إن النساء التونسيات مازلن ضحية للميز على المستويين التشريعي والواقعي. فعلى المستوى الأول لم ترتق المساواة بين الجنسين إلى مستوى المبدأ الدستوري. كما أن مجلة الأحوال الشخصية، ما تزال، بعد نصف قرن من صدورها، مطبوعة بطابع أبوي، ذكوري، تمييزي في عدد من المجالات الهامة مثل إدارة شؤون العائلة إذ ما تزال رئاسة العائلة تسند إلى الزوج دون سواه (الفصل 23) والإرث، إذ ما تزال القاعدة المعمول بها "للأنثى نصف ما للذكر"، والحضانة والولاية إذ أن ولاية المرأة على الأطفال ما تزال مشروطة، كما أن اللقب العائلي ما يزال مقصورا على لقب الزوج دون لقب الزوجة واختيار مقر السكنى من مشمولات الزوج والمهر الذي عرَّفه الفقهاء بأنه المقابل الذي يدفعه الرجل للاستمتاع بجسد زوجته، ركنا من أركان الزواج وإن شئنا شرطا من شروط صحته رغم الطابع الشكلي للمهر في القانون الحالي. ولا يمكن للزوجة حسب مجلة الجنسية، إسناد جنسيتها لأبنائها بصورة آلية مثلها مثل زوجها، وذلك لاعتبارات دينية.

وفي مجال الشغل ما تزال الدولة التونسية تمانع في التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية عدد 183/2000 المتعلقة بحماية الأمومة (تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوع بالإضافة إلى منح الحامل عطلة ما قبل الوضع والأب عطلة أبوية للعناية بالمولود). ولا يقر قانون الشغل وقانون الوظيفة العمومية عطلة ما قبل الوضع. كما أن عطلة ما بعد الوضع في القطاع الخاص هي نصف العطلة في القطاع العام (شهر مقابل شهرين). ولا يجرّم قانون الشغل الاعتداء على كرامة العاملات وعلى حرمتهن الجسدية والمعنوية في أماكن العمل.

ولئن جرّم القانون الجزائي العنف الزوجي فإنه لم يرتق بشكل عام إلى اعتبار العنف المسلط على النساء داخل الأسرة وفي الفضاء العمومي ممارسة تمييزية وامتهانا لكرامتها الإنسانية. ويتسم القانون المتعلق بالتحرش الجنسي بعدم الدقة في تحديد هذه الجريمة وعدم الصرامة في معاقبتها.

وما يزال القانون التونسي يشرع البغاء الذي يمثل أكبر مهانة لجنس النساء وإذلالا للرجال.

وإلى ذلك فإن القانون التونسي لا يحتوي تجريما للأفعال القائمة على التمييز ضد المرأة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire