Nombre total de pages vues

mardi 15 mars 2011

المساواة وتحرّر المرأة

المساواة وتحرّر المرأة

ونحن إذ ندافع عن المساواة التامّة والفعلية بين الجنسين فإننا نعتقد أن تحقيقها يندرج ضمن معالجة عامة لأوضاع مجتمعنا. فهي تمثل وجها أساسيا من أوجه التغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي الذي ننشده. ولا يعني هذا نفيا لخصوصية المسألة النسائية. فالنساء لهن مطالبهن الخصوصية النابعة من الاضطهاد الذي يعانين منه بسبب جنسهن وهو اضطهاد يشق في بعض أبعاده على الأقل، كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وإن كان يتكثّف بشكل خاص في الطبقات والفئات الشعبية والفقيرة وهو ما يجعل النساء المنتميات إليها معنيات بشكل رئيسي بالنضال من أجل تحررهن وتحرير المجتمع بصورة عامّة حتى يقضى على العوامل التي تعيد إنتاج اضطهاد النساء، بينما النساء الثريّات يسهمن في القمع والإستغلال المسلّط عليهنّ.

ولا يمكن أن تتعهّد بمطالب النساء في المقام الأول سوى حركة نسائية جماهيرية منظمة ومسلحة بفكر وبرنامج تحرّريين. ولكن تحقيق مطالب الحركة النسائية لا يمكن أن يتم بمعزل عن الحركة السياسية والاجتماعية والثقافية العامّة لسبب بسيط وهو أن لا حريّة للنساء في مجتمع لا تتوفر فيه الحريّة للجميع، ولا مساواة فعلية وحقيقية بين الجنسين في مجتمع قائم أصلا على عدم المساواة بين أفراده لأسباب اجتماعية أو سياسية أو جهويّة. فتحرر نساء تونس هو جزء لا يتجزّأ من التغيير الديمقراطي والشعبي والوطني الذي ننشده في نضالنا ضدّ نظام الاستبداد الذي ينيخ بكلكله على مجتمعنا.

كما أننا حين نشرط تحقيق المساواة التامّة والفعلية بين الجنسين بتغييرات جذرية وعميقة في كافة مجالات الحياة فإن ذلك لا يعني تأجيل الخوض في هذا التحرر إلى ما بعد حصول تلك التغييرات، بل على العكس من ذلك فنحن نعتبر أن المعركة من أجل هذه المساواة ينبغي أن تجري من الآن، وهي جارية فعليا، فكما نناضل من أجل الحقوق السياسية والاجتماعية لا بدّ من النضال من أجل حقوق النساء، لا بدّ من تعبئة جماهير النساء حول حقوقهن. إن هذا النضال اليومي والدؤوب هو الذي يدرب النساء على الدفاع عن حقوقهن ويشعرهن بما لهنّ من مصلحة في التغيير الديمقراطي الجذري والعميق ويدفعهن إلى الانخراط في النضال العام من أجل ذلك. لذا نحن لا نتفق مع كل منطق يؤجل طرح مطالب النساء المتعلّقة بالمساواة بدعوى أن هذا المطلب أو ذاك ليس من الأولويات اليوم، فالمشروع الديمقراطي في كامل أبعاده الوطنية والاجتماعية والثقافية كل مترابط بعضه ببعض ومطلب المساواة التامة والفعلية من الضروري أن يندرج في برنامج أي حزب ديمقراطي بحق.

إن التجربة التاريخية التي علينا أن نستلهم منها بيّنت أن إثارة مسألة حقوق النساء في مسيرة الحركة الوطنية كان لها تأثير إيجابي في أوضاعهن في الفترة اللاحقة لخروج المستعمر، أما عدم إثارتها بحجّة أن الأولوية للمسألة الوطنية، وكأن أولوية هذه المسألة تنفي طرح بقية القضايا، بل كأن تعبئة النساء حول حقوقهن ليست من العوامل التي تعبئهن للانخراط في النضال الوطني، كانت له نتائج سلبية إذ وجد النساء أنفسهن مقصيات من جديد من الفضاء الاجتماعي والسياسي.

المساواة في الإرث

من هذا المنطلق نحن نؤيد الحركة النسائية الديمقراطية في طرح مطلب المساواة في الإرث، ولا نرى من داع إلى تأجيل طرحه بحجة أن الأولويات اليوم لمطالب أخرى مثل مطلب الحريات السياسية. إننا نتفهّم أن هذا المطلب لا يمكن أن يكون عنوانا رئيسيا في المرحلة الحالية للتكتيك السياسي العام للحركة السياسية، كما نتفهّم أنه حتى بالنسبة إلى عموم النساء لا تمثل المساواة في الإرث همهن الرئيسي اليوم مقارنة بما يعانين منه يوميا من طرد جماعي واستغلال فاحش، ولكن ذلك لا يعني أن لا تؤيد الحركة الديمقراطية حملة نسائية من أجل ذلك المطلب أو أن لا تدرجه ضمن نقاطها البرنامجية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. إن هذا المطلب قد لا يتحقق في الظرف الحالي سواء لأن نظام الحكم يرفض تحقيقه أو لأن الذهنية العامّة، وهذا أمر يستحق الإثبات لانعدام الحرية في بلادنا وغياب تقاليد سبر الآراء، غير مهيأة لتقبل ذلك المطلب ولكنّ أي مطلب يمرّ دائما بمرحلتين، الأولى دعائية تهدف إلى إقناع الرأي العام به، والثانية عملية تهدف إلى تعبئة الرأي العام عبر أشكال نضالية ملموسة لتحقيقه. ولكن للقيام بذلك ينبغي أن تكون الحركة السياسية المعنية مقتنعة بالمطلب المحدّد وبمشروعيته وتدرجه ضمن لائحة مطالبها.

ومهما يكن من أمر فإنّ مطلب المساواة في الإرث يكتسي بالنسبة إلينا، بالإضافة إلى طابعه الاجتماعي المباشر المتمثل في الحيف الذي يلحق النساء من جرّاء عدم المساواة أو من التحيّل الذي هن ضحية له حتى في حدود النصيب الذي يسنده إليهن القانون، طابعا رمزيا في سياق النضال من أجل تحقيق المساواة في الحقوق بين الجنسين، لأن إقرار المساواة في الإرث من المسائل الهامة التيستيسّرنقاشمسألة حقوق النساء التونسيات كقضية حقوق مدنية واجتماعية وسياسية وثقافية وتنزع عنها كل حجاب لاهوتي.

إن مسألة الإرث مسألة اجتماعية في الأساس أُلْبِسَتْ لبوسا دينيا وحُنِّطَتْ في المجتمعات العربية-الإسلامية عن طريق الفقهاء الذين تحرّكهم نظرة ذكورية معادية للمرأة. والإرث مسألة اجتماعية لأنه يهم توزيع الثروة داخل العائلة ومن البديهي أن يرتبط هذا التوزيع بالظروف الاجتماعية لكل عصر وبالتالي بموقع الذكور والإناث في العلاقات الاجتماعية، ومن المعلوم أن موقع النساء في هذه العلاقات قد تغيّر عبر العصور ولم يبق على ما كان عليه في الماضي.

كانت القاعدة في قريش وفي الحجاز عامّة أن لا يرث النساء لأنهن "لا يَحُزن الغنيمة ولا يقاتلن على ظهور الخيل" وكان الحرمان من الإرث يطول حتى الصغار من الذكور لنفس الأسباب المتعلّقة بنمط الحياة الاجتماعية التي يقوم فيها الكبار من الذكور بدور أساسي في حماية القبيلة وتوفير الغذاء لها، وتذكر كتب التاريخ أن من ابتدع قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين" هو القرشي "ذو المجاسد" عامر بن جشم بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر (جواد علي. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج5، ص 562 )، وقد أخذ الإسلام هذه القاعدة لاحقا وعمّمها. وكون الإسلام أخذها وعمَّمها لا ينفي إطلاقا طابعها النسبي، لا ينفي كونها "نتاجا تاريخيا" نابعا من واقع اجتماعي محدد، ويخطئ من يصبغها بصبغة إطلاقية ويجعل منها قاعدة ميتا-تاريخية (فوق التاريخ وخارجه).

لقد نسّب الطاهر حداد، وهو الزيتوني كما قلنا، "حكم الإرث" ودعا إلى تجاوزه مستندا إلى تغيّر الواقع الاقتصادي الذي تغيّر معه موقع المرأة في العلاقات الاجتماعية. فقد خرجت إلى الشغل. وأصبحت تسهم في إنتاج الثروة الاجتماعية وفي الإنفاق على العائلة وهو ما يجعل الحفاظ على اللامساواة في الإرث أمرا لا مبرر له، بل فيه انتهاك لحقوقها المدنية. كما يجعل تبرير هذا الحفاظ بحجج دينية أمرا غير معقول،"لأن ما كان للمرأة في الماضي ليس ناشئا عن جوهر خلقتها وإنما كان ذلك فصلا من فصول حياتها الطويلة" (الطاهر الحدّاد - امرأتنا في الشريعة والمجتمع).

العمل والمساواة والتمييز الإيجابي

وما دام الحديث عن الإرث، أود أن أوضح نقطة هامة، تثار كلما تم التطرق إلى هذه المسألة. يقرّ بعض رموز التيار الإسلامي، التاريخيين على غرار الشيخ حسن البنا، بوجود اللامساواة في الإرث في الإسلام، ولكنه لا يرى في هذه اللامساواة مسا بحقوق المرأة، بل يعتبرها من باب "العدل" لأن الرجل تعود إليه مسؤولية الإنفاق على العائلة (أي القوامة) فاللامساواة بالنسبة إليه ليست دائما مظلمة كما أن المساواة ليست دائما مؤشرا للعدل. وهو ما نخالفه فيه الرأي، فاللامساواة، عندما يتعلّق الأمر بالحقوق الإنسانية، هي في كل الظروف منافية للعدل. ففي المجال الذي نتحدّث عنه وهو الإرث، فكون المرأة كانت عند مجيء الإسلام مهمّشة وتابعة والرجل "قوَّاما عليها" وعلى العائلة هو أمر ليس للمرأة فيه مسؤولية وليس مرتبطا بـ"خواص عقلية وجسدية متأصلة فيها"، بل مرتبطا بالموقع الذي فُرض عليها في العلاقات الاجتماعية وحرمها من تحمل مسؤوليتها كاملة في العائلة والمجتمع، فالذنب إذن هو ذنب "التاريخ" إن شئنا وليس ذنبها. وليس أدل على ذلك من أنه لمّا خرج النساء إلى الحياة العامة وتعلّمن واشتغلن وتحمّلن المسؤوليات أظهرن أنهن يتمتعن بنفس المؤهلات الإنسانية التي يتمتع بها الرجال.

ثمّ وإذا اعتبرنا جدلا أن عدم منح المرأة نصيبا متساويا لنصيب الرجل كان إجراء "عادلا" باعتبار تحمل الرجل مسؤولية الإنفاق على العائلة، أفلا يصبح منافيا للعدل، مواصلة تطبيق نفس القاعدة في زمن أصبحت فيه المرأة تشارك الرجل في الإنفاق على العائلة وفي تنمية الثروة العامة للمجتمع، بل أليس من العدل اليوم التسوية في الإرث بينهما؟ ومهما يكن من أمر فإن هدفنا من كل هذا هو تأكيد أن العدل ينبغي أن يخدم المساواة لا أن يبرر اللامساواة التي هي في كل الحالات انتهاك لإنسانية المرأة.

يمكن أن تكون اللامساواة هي القاعدة في عصر من العصور ولها ما يفسّرها في العلاقات الاجتماعية ولكننا حين نقيّمها اليوم في عصرنا الذي أصبحت فيه المساواة قاعدة إنسانية معترفا بها، فلا مناص من الاعتراف بأن ذلك الميز كان تاريخيا على حساب حقوق المرأة واستنقاصا لذاتها وأنه علينا أن لا نواصل الدفاع عنه والبحث له عن تبريرات. وربما قال قائل و"التمييز الإيجابي" لفائدة النساء أليس شكلا من أشكال "اللامساواة العادلة"؟ هذا غير صحيح لأن التمييز الإيجابي وهو جملة الإجراءات الاستثنائية والمؤقتة التي تهدف إلى تيسير بلوغ النساء مواقع القرار والتسيير التي أقصين عنها وظلت حكرا على الرجال لردح طويل من الزمن، أو هو جملة الإجراءات التي تمنع استخدام القوّة العاملة النسائية في أعمال تضرّ بصحتها في علاقة بوظيفتها الإنجابية، هي إجراءات عادلة ولا يمكن المقارنة بينها وبين اللامساواة في الإرث. إن التمييز الإيجابي ليس منّة على النساء ولكنه واجب المجتمع تجاههنّ، فالتمييز الإيجابي في مجال الشغل هو واجب الدولة والمجتمع تجاه النساء اللّواتي يقمن بوظيفة "إعادة إنتاج الحياة" أو إن شئنا "ضمان استمرارية الجنس البشري"، لأن في الحفاظ على صحّة المرأة حماية لها هي كإنسان أولا ولصحّة مولودها ثانيا وضمانا لإنجاب أجيال متعافية ثالثا.

أما التمييز الإيجابي في مجال الترقية المهنية والتمثيلية في الهيئات العامة فهو من باب إنصاف نصف البشرية الذي عانى طويلا من الاضطهاد واللامساواة والذي ما يزال يعاني من ذلك الموروث المتغلغل في ذهنية الذكور وسلوكهم لتمكينه من تدارك ما فاته من وقت لتفكيك بنى اللامساواة تمهيدا لتجاوزها وتعويضها بأخرى قائمة على المساواة. وهكذا فإن العدل يهدف إلى بلوغ المساواة في وضع يتميز باللامساواة لفائدة الرجال.

حمه الهمامي

1 commentaire:

  1. Mohamed Yangui الشيوعية نظرية تم تطبيقها في الاتحاد السوفياتي يا حسرا على الاتحاد السوفاياتي ومن بعد طلعو بطلعة جديدة قالو بروسترويكا يا حصرا على البروسترويكا ومن بعد طاح الاتحاد السوفياتي ولا دويلات ومن بعد طاح جدار برلين وتوحدت ألمانيا وتنحي النظام الشيوعي إلي كان يحكم في شطرها ليمين ومن بعد ولينا نسمعو في مسؤولين الصين يشجعو في المزارعين باش كل واحد يخدم طبة متاع أرض والزايد من الانتاج يبيعو وياخذ فلوسو هكاكة نجمت الصين تخرج من المجاعة إلي تسبب فيها النظام الشيوعي متاعها ومن بعد خذات هونكونك استقلالها ورجعت للصين تعرفوشي الشيوعيين متاع الصين اشعملوا قالو لاتقعد هونكونك تخدم كيف ما كانت قبل تحت النظام الرأسمالي باش تساهم في الاقتصاد الصيني الصناعي معناها أرباب الشيوعية آمنو بإفلاس النظرية وسلمو فيها أما أحنا في تونس ولينا شايخين على خاطر ولا عندنا حزب شيوعي وفرحانيين بيه ياسر ماهو مولود جديد قلنا عاد لوكان الحزب الجديد إلي اسمو شيوعي مثلا يعني يشد الحكم نهار اضرب يا طبال وزكر يا زكار آنا هي السياسة إلي ماشي يطبقها زعمة يخلي الناس تتفرهد ؟ ولا يفكلهم أرزاقهم كيف ما صار في عهد التعاضد لإعادة تقسيم الثروة كيف ما تدعو لذلك قواعد النظام الشيوعي ؟ وهذا تساؤل واحد من جملة آلاف التساؤلات إلي من هذا النوع .يا ناس الله يرحم ناس قبل كيف قالو البومة لو كان جاء فيها خير ما تلفها الصيادة هذا عصر فات الشيوعية بمراحل للأسف الشديد عصر حكم العلماء والعلماء ما يخرج عليهم يقولو معيز ولو طاروا على خاطر هم يعرفو أنو أعدل الأشياء قسمة بين الناس لاهي فلوس ولا أملاك ولا حتى علم بل العدالة التامة بين الناس هي جرعة الموت وما بين الموتين الأول والثاني يتموضع الأنسان فمنه الجاهل ومنه العالم فهل يستويان ؟ مصيبتنا نحن العرب أننا شعب مستهلك في كل شيء حتى النظريات التى فات أمد استهلاكها لذلك سنبقى شعوبا مريضة متبلدة ومتخلفة ولا يمكن لنا الخلاص من هذا الوهن إلا بامتلاك ناصية العلم واطلاق البحوث العلمية وتطوير مناهج التعليم وخلق روح المبادرة في الشباب والشياب وتكريس حب العلم والتعلم والعمل على اطلاق الحريات ولا ننسى أنه كان يحكمنا واحد جاهل رئيس عصابة

    RépondreSupprimer