Nombre total de pages vues

mardi 15 mars 2011

قضيّة المرأة

قضيّة المرأة




هذه أوضاع المرأة في تونس اليوم. وهي بعيدة كل البعد عن أن تعكس أوضاعا تتوفر فيها شروط المساواة التامّة بين الجنسين. هذه الأوضاع لا تنفصل عن النظام الاجتماعي القائم الذي يعيد بانتظام إنتاج شروط اضطهاد النساء وخاصّة الملايين منهن من بنات الطبقات والفئات الشعبية والفقيرة. وهذه الأوضاع أيضا هي التي تفسر وجود "قضية للمرأة" في مجتمعنا، وهي التي تبرّر قيام حركة أو حركات نسائية كما تبرر حضور المسألة النسائية بهذا الشكل أو ذاك في برامج الأحزاب والحركات السياسية.

ومن البديهي بالنسبة إلينا أن الحديث عن تردّي أوضاع جماهير النساء في بلادنا لا يمكن أن يكون مدعاة للرجوع إلى الوراء. فماضي النساء التونسيات ليس أفضل من حاضرهن حتى تقع الدعوة إلى الرجوع إليه. إن مشاكل النساء ليست متأتية من حصولهن على بعض حقوقهن أو كما يقول البعض من "الحرية" التي حصلن عليها ولكن من عدم استكمالهن تلك الحقوق وتلك الحرية وغياب مناخ اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي مناسب لتحررهن تحررا حقيقيا. ومن هذا المنطلق تطرح قضية المساواة بين الجنسين وقضية تحرير المرأة بشكل عام كجزء لا يتجزأ من مسألة التغيير السياسي والاجتماعي في بلادنا وبصورة أدق كجزء لا يتجزأ من المسألة الديمقراطية.

III. تحرير النساء جزء من التغيير الديمقراطي:
لماذا المساواة؟

إن المطالبة بالمساواة التامة بين الجنسين تستمدّ مشروعيتها، في رأينا، من اعتبارات أربعة.

الأوّل إنساني عام، فحقوق المرأة من حقوق الإنسان وأي انتهاك لها أو استنقاص منها يمثل اعتداء على كرامتها الإنسانية ولا يمكن التذرّع بأي خصوصية دينية أو ثقافية أو عرقية لتبرير اللامساواة بين الجنسين أو بالأحرى اضطهاد النساء، فاللاّمساواة هي اللاّمساواة والاضطهاد هو الاضطهاد مهما كانت الأغلفة التي يتغلّف بها.

والثاني اجتماعي، وهو أنه لا نهضة ولا تقدم لأي مجتمع من المجتمعات البشرية ونصفه مشلولا ومعطّلا، لا يشارك في إنتاج الثروة الاجتماعية وفي التنمية الثقافية والعلمية على قدم المساواة مع النصف الآخر وهو ما يجعل نهضة المجتمعات وتقدمها مشروطا بهذه المساواة نصا وممارسة.

والثالث سياسي، وهو أنه لا ديمقراطية دون مساواة تامّة في الحقوق بين أفراد المجتمع بشكل عام وبين النساء والرجال بشكل خاص. إن ديمقراطية لا يمثل النساء طرفا فاعلا فيها إمّا أنها وهمية وغير موجودة أو أنها محدودة وغير متماسكة.

والرابع ثقافي وحضاري، فالعلاقة بين الجنسين تمثّل مقياسا للحكم على مدى تقدّم الكائن البشري وعلى مدى انتصار الطبيعة الإنسانية في نفسه على الطبيعة الحيوانية أي على مدى تحوّل "الماهية الإنسانية" لديه إلى "ماهية طبيعية" حسب عبارة ماركس. إنّ من لا يقدر على الاقتناع بالمساواة بينه وبين الكائن الإنساني الذي هو المرأة، لا يقدر على الاقتناع بالمساواة في أي مجال من المجالات. كما لا يمكنه أن يجعل من الحرية والديمقراطية جزءًا من "طبيعته الإنسانية"، وعليه فإن عدم الإقرار بالمساواة هو إذلال للرجل قبل أن يكون إذلالا للمرأة.

حمه الهمامي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire