Nombre total de pages vues

mardi 15 mars 2011

الحزب الشيوعي التونسي وتشريعاته



الحزب الشيوعي التونسي وتشريعاته

ونحن إذ ننشر هذا الكراس فمن أجل تعميق النقاش حول قضية المرأة في بلادنا وإخراجها من بوتقة المزايدات السياسية وتنزيلها المنزلة الصحيحة باعتبارها أحد أهمّ أركان أيّ تغيير ديمقراطي جذري وعميق في بلادنا.

قضيّة المرأة من الحدّاد إلى اليوم
عودة إلى النقاش حول حقوق المرأة
مسألة الحجاب/الخمار والعلمانية
ملحق: إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات حول حقوق المرأة و المساواة بين الجنسين


قضيّة المرأة من الحدّاد إلى اليوم


مداخلة حمّة الهمامي في الندوة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين
"هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" - ديسمبر2006
هذا نص مداخلة الرفيق حمّه الهمّامي في ندوة "المساواة بين الجنسين" التي نظمتها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات في مطلع شهر ديسمبر 2006. وقد راجعها المعني وأضاف إليها فقرات في ضوء النقاشات التي جرت.



يعتبر حزب العمال أن مسألة حقوق المرأة تمثل جزءا لا يتجزّأ من المسألة الديمقراطية العامة المطروحة في بلادنا، بل إنه يعتبر أنّ أي مشروع ديمقراطي لا تكون هذه الحقوق، بل لا يكون تحرير النساء من الميز والاضطهاد في قلبه وصميمه لن يكون إلاّ مشروعا مشوّها وغير متماسك، فلا يمكن تصور نظام ديمقراطي لا تكون فيه المساواة التامة بين المواطنين بشكل عام وبين الجنسين بشكل خاص أساسا من الأسس التي ينبني عليها. وتكتسي مسألة المساواة بين الجنسين أبعادا عدّة. فهي تطرح داخل العائلة من جهة وفي المجتمع والحياة العامة من جهة ثانية، كما تطرح في مستوى القانون من ناحية وفي مستوى الممارسة الواقعية من ناحية ثانية. ولقد مثلت هذه المسألة بأبعادها المختلفة محورا من محاور الصراعات الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي شقت بلادنا منذ أواخر القرن التاسع عشر وخصوصا منذ مطلع العشرينات من القرن العشرين. ولم يكن حضور هذه المسألة في تلك الصراعات معزولا عن التطورات التي شهدها المجتمع التونسي في الحقبة الاستعمارية ولا عن تلك التي شهدتها، في العصر الحديث، بقية الأقطار العربية وبلدان العالم التي حققت النساء في البعض منها خطوات حاسمة نحو تحررهن وانعتاقهن.

I. صراع بين مشروعين مجتمعيّين
وقد حكم هذا الصراع، كما هو الحال في معظم الأقطار العربية، وبلدان العالم نظرتان جوهريتان متناقضتان: نظرة تسعى إلى الحفاظ على الوضع الدوني للنساء داخل العائلة والمجتمع مستخدمة مسوغات إيديولوجية عدّة من قبيل "إن الله شاء" أو "الطبيعة اقتضت" أو"النواميس الاجتماعية والأخلاقية أملت"، ونظرة تقدمية تنسّب المسألة وتتناولها من زاوية التاريخ والعلاقات الاجتماعية معتبرة أن الوضع الدوني للنساء "ظاهرة مكتسبة" ولّدتها السياقات التاريخية والعلاقات الاجتماعية التي عشن فيها وبالتالي فإن ذلك الوضع ليس ثابتا بل قابلا للتغّير بتغّير تلك السياقات والعلاقات وتطورها.

وإذا كانت مسألة حقوق المرأة أثيرت في بلاد المشرق، وتحديدا في مصر منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر مع رفاعة الطهطاوي (تخليص الإبريز في تلخيص باريز – 1834، المرشد الأمين للبنات والبنين - 1872) ثم في مطلع القرن العشرين مع قاسم أمين (تحرير المرأة - 1899 والمرأة الجديدة – 1900) فإن الثلاثينات من القرن العشرين مثلت منعرجا حاسما في إثارة تلك المسألة في تونس.ويرجع الفضل في ذلك إلى الطاهر الحداد الذي يعتبر في عصره "رائد تحرير المرأة التونسية".

إن هذا الزيتوني التكوين، ولكن الملتصق التصاقا شديدا بالحياة الاجتماعية التونسية من خلال فصيلها المتقدم أي الحركة النقابية العمالية التي خصّها بأحد أثريه التاريخيين (العمال التونسيين وظهور الحركة النقابية التونسية - 1927)، عبّر في أثره الثاني الذي خصّ به النساء التونسيات (امرأتنا في الشريعة والمجتمع - 1930) عن أهم الإصلاحات التي كانت تروم النخبة التونسية المستنيرة إدخالها على أوضاع المرأة خاصّة والمجتمع التونسي عامة.

مسألة اجتماعية

عالج الحداد مثله مثل رموز الإصلاح الاجتماعي في العالم العربي، المسألة النسائية كمسألة اجتماعية ورأى في تخلف أوضاع النساء التونسيات علامة جوهرية من علامات تخلّف المجتمع التونسي الذي كان يرزح وقتها تحت وطأة الاستعمار المتحالف مع القوى الرجعية المحليّة، كما رأى في نهوض تلك الأوضاع، علامة من علامات نهوض المجتمع بأسره. ومن هذا الموقع صاغ الإصلاحات التي نادى بها ومنها إلغاء تعدد الزوجات وحق الفتاة في اختيار شريك حياتها وفي طلب الطلاق وفي التساوي مع الرجل في الإرث وفي التعليم والشغل وتقلّد الوظائف العمومية. وقد حاول الحداد أن يجد لإصلاحاته مسوّغا في الدين الإسلامي باعتبار ما كان للأفكار الدينية والعادات والتقاليد من دور بارز في تبرير اضطهاد النساء ومعارضة تحررهن. ولم يكن يهمه التقيّد بالأحكام الشرعية والفقهية بقدر ما كان يهمّه الدفاع عن ضرورة تحرير"المرأة المسلمة" حتى تسترد عضويتها كاملة داخل الأسرة والمجتمع.

إن النواة الأساسية في فكر الحداد التي بني عليها الإصلاحات التي نادى بها والتي مكنته من تجاوز الجمود الفكري لسابقيه، تتمثل، كما جاء في مقدمة كتابه: "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، في ضرورة إخضاع الأحكام الشرعية لتطور الحياة أي لتطور الواقع، وليس العكس لأن الأحكام نتيجة للظروف التاريخية وبما أن التاريخ يتحرك والواقع يتطور ويتغّير فإن التشريعات ينبغي أن تواكب حركتهما وتطورهما وتغيّرهما وليس العكس. فالواقع المتغيّر، المتحرّك، المتطور لا يمكن، حسب رأيه، أن يكون حبيس تشريعات ثابتة وجامدة تعيقه وتكبله.

على هذا الأساس نسّب الحداد العديد من الأحكام الإسلامية/الفقهية وراجعها. وقد ميّز بين ما اعتبره "جوهر"/"مرمى"/"معنى"/"روح" الإسلام وهي في نظره "الحرية والمساواة والعدالة"، وبين ما هو "عَرْضٌ"/"حكمٌ"/"خاصٌ". فالمظهر الأول "باق"، "خالد"، والمظهر الثاني "متغيّر"/"متطور"، وهو في تغيّره وتطوّره يسعى باستمرار إلى بلوغ "الجوهر" أو "المرمى". ويربط الحداد بموقفه هذا مع المدرسة "المقاصدية"، الاجتهادية في الإسلام. وقد تميّز في مواقفه عن قاسم أمين ومحمد عبدو وغيرهما من المصلحين إذ بلغ في عصره ذروة "المدرسة الإصلاحية الإسلامية".وقد وجد إلى جانبه، في صراعه مع القوى الرجعية المحافظة التي سارعت، كما جرت العادة، إلى تكفيره، عديد المثقفين المستنيرين أمثال الصحفي الهادي العبيدي والشاعر أبي القاسم الشابي وغيرهما.

وشهدت الحركة النسائية في تلك الفترة، سواء بتأثير مباشر أو غير مباشر لأفكار الحداد، تطورا هاما، فظهرت جمعيات نسائية متعددة المشارب الفكرية أسهمت في النضال الوطني ضد المستعمر الفرنسي وأعدت الأرضية الملائمة للاعتراف لاحقا، لنصف المجتمع، بإنسانيته وكرامته.

مجلة الأحوال الشخصيّة

وبما أن أفكار الحداد كانت في اتجاه التاريخ، فإنها لم تمت بموت صاحبها، بل كان لها صدى في مجلّة الأحوال الشخصية الصادرة بتاريخ 13 أوت 1956 أي أشهرا قليلة بعد "إعلان الاستقلال" في 20 مارس 1956.

إن الإصلاحات الواردة في هذه المجلّة مثل منع تعدد الزوجات وإقرار حق المرأة في اختيار شريك حياتها وفي طلب الطلاق، لم تواجه معارضة سياسية أو اجتماعية ذات بال بل سرعان ما استوعبها المجتمع ودخلت ضمن تقاليده الجديدة وهو ما يعني أنها لم تكن مسقطة عليه وعلى وعي معظم أفراده بل مندرجة في سياق تطوره العام.

من البديهي أن توجد أقليات تعارض مثل تلك الإصلاحات ففي كل المجتمعات توجد قوى شد إلى الوراء وهي تستعمل كل المسوغات الإيديولوجية والثقافية والاجتماعية لمنع المجتمع من التقدم. فقد حاول بعض رجال الدين التقليديين في تونس وصفاقس التصدي لتلك الإصلاحات ولكن دون جدوى إذ سرعان ما تم الالتفاف على دعواتهم.

ولكن الإصلاحات التي جاءت بها مجلّة الأحوال الشخصية فقدت تدريجيا "ريادتها" التي كسبتها بالمقارنة مع ما هو موجود ومكرّس في البلدان العربية والإسلامية الأخرى (عدا تركيا الكمالية). فبمرور الزمن بانت حدودها، بل عجزها عن تحقيق طموح النساء التونسيات وخاصّة الواعيات منهن إلى مساواة تامة وفعلية بينهن وبين الرجال. وقد اقترن ذلك بتواتر أزمات النظام البورقيبي الذي افتضـح طابعه الاستبدادي والاستغلالي والتابع وبالتالي عدم قدرته على تحقيق المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحرير البلاد من كل هيمنة أجنبية. وهو ما أدى إلى قيام حركات اجتماعية احتجاجية عدّة وظهور معارضات سياسية، يسارية بالخصوص، كان للنساء المثقفات دور بارز فيها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire